بمناسبة ذكرى مرور 65 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، ففي يوم 30 مايو عام 1956، تمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر تحت الرعاية الشخصية من الرئيس الصيني الأسبق ماو تسي تونغ ورئيس مجلس الوزراء الصيني الأسبق تشوآن لاي والرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر.
على مدى السنوات الـ65 الماضية، مهما كانت التغيرات التي شهدتها الأوضاع الدولية والإقليمية، ظلت الصين ومصر ملتزمتين بالاحترام المتبادل والتعامل على قدم المساواة والمنافع المتبادلة والتنمية المشتركة.
وبغض النظر عن التغيرات التي مرت بها الدولتان، تنظران دائمًا إلى العلاقات الصينية المصرية من منظور إستراتيجي وطويل الأجل، لقد أصبح كل من الصين ومصر صديقًا وشريكًا موثوقًا به ومعتمدًا عليه لبضعهما البعض.
تعتبر العلاقات الصينية المصرية نموذجًا مثاليًا يحتذى به للعلاقات بين الصين والدول العربية والإفريقية، وإن الصين دائمًا تضع مصر في مكانة مهمة في مجمل الدبلوماسية الصينية، وتدعم جهود مصر في الحفاظ على سيادتها واستقرارها وسلامة أراضيها وفي استكشاف الطريق التنموي الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية الخاصة، وتحرص على توطيد الثقة السياسية المتبادلة وتعزيز التنسيق والتعاون في الشئون الإقليمية والدولية مع مصر والعمل المشترك على الدفاع عن التعددية والعدالة والإنصاف على الساحة الدولية.
على مدار الـ65 عامًا الماضية، وبفضل الرعاية الشخصية من قيادتي البلدين، حققت العلاقات الصينية المصرية تطورًا شاملًا وعظيمًا، في عام 2014، قام فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيارته الرئاسية الأولى إلى الصين، حيث تم الارتقاء بالعلاقات الصينية المصرية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، وفي يناير عام 2016، قام فخامة الرئيس الصيني شي جين بينج بزيارة الدولة لمصر، حيث وقعت الدولتان على "البرنامج التنفيذي لتعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية مصر العربية 2016-2020".
خلال السنوات الـ7 الأخيرة، قام فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ6 زيارات إلى الصين وعقد 9 قمم ثنائية مع فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ. ومن الجدير بالذكر أن هناك تفاعلات مكثفة بين الرئيسين رغم تفشي جائحة كوفيد-19، حيث توصلا إلى التوافق الإستراتيجي بشأن ترقية العلاقات الصينية المصرية نحو إقامة مجتمع المستقبل المشترك بين البلدين في العصر الجديد.
تجمع بين الصين ومصر الأحلام والرؤى والمهام المشتركة، وهناك 4 أنواع القوى الروحية دفعت العلاقات الصينية المصرية لتصل إلى هذا المستوى العالي والمتميز اليوم:
أولًا : روح الريادة
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، سجلت الصين ومصر "رقم 1" في كثير من النواحي. في عام 1956 أصبحت مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. وفي عام 1963 قام رئيس مجلس الوزراء الصيني الأسبق تشوآن لاي بزيارة رسمية للقارة الإفريقية، حيث كانت مصر المحطة الأولى لهذه الجولة الإفريقية الأولى التي قامت بها القيادة الصينية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
في عام 2002، أنشأت الصين المركز الثقافي الصيني بالقاهرة كالأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط. كما تعد مصر أول دولة تعاونت مع الصين في بناء المنطقة الاقتصادية، وأول دولة أنشأت قسم اللغة الصينية في الجامعة، وأول دولة عرضت المسلسلات الصينية في التلفزيون المحلي.
ثانيًا: روح التضامن
يقول المثل العربي "تتجلى الصداقة الحقيقية وقت الشدة". في مواجهة جائحة كوفيد-19، تتمسك الصين ومصر بروح الفريق الواحد، حيث بعث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي برسالة التضامن إلى الرئيس الصيني شي جينبينج، وكلّف وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد بزيارة الصين حاملةً معها شحنة من المستلزمات الطبية، ووجّه بإضاءة ثلاثة معالم أثرية مصرية بألوان العلم الصيني. ردًا للجميل، قدمت الصين دفعات عديدة من المساعدات الطبية إلى مصر، وزودتها بأحدث نسخة برتوكولات الوقاية والتشخيص والعلاج وغيرها من الوثائق الفنية الخاصة بالجائحة أولًا بأول، كما نظمت الصين 10 اجتماعات افتراضية عبر تقنية الفيديو كونفرانس بين خبراء الصحة الصينيين ونظرائهم المصريين لتبادل الخبرات والتجارب.
وحتى الآن، قد وفرت الصين مليون جرعة لقاح سينوفارم الصيني كهدية و1.5 مليون جرعة لقاح سينوفارم الصيني كمشتريات تجارية لمصر، على الرغم من الاحتياجات المحلية الضخمة للقاح في داخل البلاد. ومن الجدير بالذكر أن أول دفعة من المواد الخام لتصنيع لقاح سينوفاك الصيني وصلت إلى مصر قبل أيام، إذ أصبحت مصر أول دولة إفريقية تقدر على تصنيع لقاح كوفيد-19 محليًا، ولا شك أن التضامن والتعاون والتكاتف بين الصين ومصر في مواجهة جائحة كوفيد-19 ساهم في تعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين وتعميق الصداقة التاريخية بين الشعبين.
ثالثًا: روح الاجتهاد
في بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، كان حجم التبادل التجاري بينهما لا يتجاوز عشرات ملايين الدولارات الأمريكية ويقتصر على مجالات قليلة فقط. وبفضل الجهود الحثيثة المشتركة خلال الـ65 عامًا الماضية، أحرز التعاون العملي بين الصين ومصر الذي يشمل الآن كافة المجالات مثل النقل والاتصالات والتعدين وصناعة الغزل والنسيج والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والطاقة الجديدة والمتجددة والتعليم المهني وغيرها نتائج مثمرة وإنجازات مبهرة، كما تعتبر الصين أكبر شريك تجاري مصر لمدة 8 سنوات على التوالي منذ عام 2013.
في عام 2020، وعلى الرغم من تداعيات جائحة كوفيد-19، ازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 14.57 مليار دولار أمريكي، وبلغ حجم الاستثمار المباشر الصيني الجديد في مصر 190 مليون دولار أمريكي بزيادة قدرها %83.4. كما تقدمت المشاريع التعاونية بين البلدين بخطوات منتظمة مثل مشروع منطقة تيدا الصناعية الصينية ومشروع حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع القطار المكهرب بمدينة العاشر من رمضان وغيرها، بالإضافة إلى بدء تعاون الجانبين في عديد من المشاريع الجديدة مثل مشروع مجمع الأبراج بمدينة العلمين الجديدة ومشروع تصنيع السيارات الكهربائية.
رابعًا: روح الاستقلال
تنتمي كل من الصين ومصر إلى الدول النامية، وتحرصان على الحفاظ على الاستقلال والسيادة والكرامة الوطنية وتوفير الدعم الثابت لبعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية، كما تجمع بين البلدين الثوابت المتطابقة في رفض التدخل في الشئون الداخلية والحفاظ على الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية والدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين. قال الفيلسوف الصيني القديم منسيوس إن الحكيم موطئه صحيح وطريقه مستقيم. فتلتزم الصين بتحديد سياساتها تجاه الشرق الأوسط بناء على حقائق الأمور والمصالح الأساسية لشعوب المنطقة دون غيرها، وتعمل على إحلال السلام عبر الحوار والتفاوض بدلا من البحث عن الوكلاء، وتبذل الجهود لبناء شبكة الشراكة التي تغطى الجميع بالمكاسب المشتركة بدلا من السعي وراء "فرض النفوذ".
تحدونا الثقة التامة بالمستقبل المشرق للعلاقات الصينية المصرية. وإن هذه الثقة تأتي من رعاية قيادتي البلدين الكريمة للعلاقات الصينية المصرية، وتأتي من المهمة التاريخية المشتركة المتمثلة في تحقيق النهضة الوطنية العظيمة التي تجمع البلدين، وتأتي من عراقة الحضارتين الصينية والمصرية اللتين تمنحان البلدين حكمة وافرة لتجاوز كل التحديات والصعوبات دون التخلى عن الاستقلالية والمعنوية.
تقف الصين ومصر الآن عند مفترق الماضي والمستقبل، وتقع على عاتقهما مسئولية سامية وشاقة. إن تعزيز التضامن والتعاون بين البلدين كدولتين ناميتين كبيرتين وحضارتين عريقتين لأمر يكتسب أهمية إستراتيجية لا تقتصر على المستوى الثنائي فقط، في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتغيرة وغير المؤكدة. وإن الصين على استعداد تام للعمل مع مصر سويًا على مواصلة ترسيخ الثقة السياسية المتبادلة وتعميق التعاون المثمر في مواجهة جائحة كوفيد-19 وتعظيم المنافع المتبادلة والتنمية المشتركة وتعزيز التنسيق والتعاون في الشئون الإقليمية والدولية بينهما، بما ينفذ توجيهات رئيسي البلدين بترقية العلاقات الصينية المصرية وإثراء مقوماتها لتصبح نموذجًا رائدًا يحتذى به لإقامة مجتمع المستقبل المشترك بين الصين والدول العربية والإفريقية على أرض الواقع ويعود بمزيد من النفع والسعادة والصحة والرفاهية على شعبي البلدين العظيمين.
参考内容:
在中国共产党成立100周年之际,中埃共同迎来建交65周年,这在中埃关系史上具有重要意义。
来源:金字塔门户网、中国驻埃及大使馆官网
编辑:马学军